بقلم النائب: د. رلى الفرا الحروب
كانت انتخابات الفيفا الحديث الشاغل للشارع الاردني، ولأنها حدثت يوم الجمعة، فقد التفت الاسرة الاردنية من صغيرها الى كبيرها حول جهاز التلفاز تتابع التطورات والتحليلات دقيقة بدقيقة.
كانت آمالنا وأحلامنا معلقة بسمو الأمير علي بين الحسين، فالفوز مسألة مهمة للشارع الاردني الذي يبحث عن بطولة، وانتعشت هذه الآمال تحديدا بعد تفجير المباحث الفدرالية الامريكية بالتعاون مع الشرطة السويسرية فضيحة الفساد بمئات الملايين في الجهاز التنفيذي للفيفا وكبار مسؤولي الاتحادات الرياضية، وهي مسألة امتد التحقيق فيها ثلاث سنوات، ولكن جمع الادلة الكافية للوصول الى ادانات لم يكتمل الا في هذا التوقيت الحرج والقاتل قبل الانتخابات ببضعة أيام، ولو أن الخبر أعلن قبل أسبوعين من الانتخابات وأخذ مداه في التفاعل، لتغيرت النتيجة بشكل دراماتيكي لصالح الأمير، ولكن حظه وحظنا ان التوقيت كان متأخرا رغم أنه أسهم في رفع أسهم الأمير بكل تأكيد لدى الاتحادات النظيفة غير الملوثة بالرشاوى والهبات.
موقف رئيس الاتحاد الاسيوي صعق الشارع الاردني، فقد منع الامير من الحديث امام الاتحاد لنيل الاصوات، وكان عنصر إحباط وتثبيط ضد فوز الأميرالذي يمثل قارته، وكذلك كان موقف رئيس اللجنة الاولمبية الاسيوية مخيبا للآمال، والمدهش أن كليهما من الحلفاء السياسيين لنا، وإن كان الدور الذي لعبه عيسى حياتو رئيس الاتحاد الافريقي أسوأ من دور هذين الشابين، إلا أن الشارع لم يعتب على حياتو الكيني، بقدر ما عتب على الاميرين البحريني والكويتي، وحتى لو كانا قد صوتا سريا للأمير علي بالأمس، فإنهما مع الاسف لعبا دورا علنيا سلبيا في منع باقي اصوات الاتحاد الاسيوي من أن تتجه نحو الامير.
موقف رئيس الاتحاد الفلسطيني كان أيضا صادما وغير مفهوم، وكان له تأثير نفسي خطيرعلى مشاعر الاردنيين، الذين يعتبرون أنفسهم توأم الشعب الفلسطيني وأكبر مضيف له ومدافع عنه، بعدما تخلت كل الشعوب عن القضية الفلسطينية وبقي الاردنيون وحدهم قيادة وشعبا من يحملها في محافل العالم، ولولا مواقف حفنة من الاتحادات العربية التي لا تتجاوز عدد اصابع اليد، لفقد الاردنيون الأمل في كل العرب.
نعلم ان عدد اصوات العرب لا يتجاوز 22 صوتا من أصل 209 أصوات في نادي الفيفا، ولكن، لو كان العرب قد التفوا حول الامير ودعموه صراحة، لتغيرت مواقف كثير من الاتحادات في آسيا وأفريقيا لصالح الامير العربي الهاشمي المسلم، ولو كانت كل دولة عربية قد ضغطت على دولتين أخريين فقط لصالح الأمير لكان الفوز حليفه، ولو كانت الدول الاسلامية وعددها 56 قد التفت حول الامير واعتبرته مرشحها بعدما أعلنت كثير من الاتحادات الاوروبية والامريكية والامريكية اللاتينية في الايام الماضية دعمها له لكنا نحتفل اليوم بوجود أول عربي مسلم على عرش الفيفا.
لماذا لم يدعم العرب الأمير علي؟!!
بعض القيادات الشابة في الاتحادات العربية في آسيا وأفريقيا تطمح إلى هذا الموقع، وهي تشعر أن دعم أي عربي يؤثر على فرصها هي في المستقبل، ولذلك، فضلت دعم بلاتر، مع أن الاتحادات الاوروبية دعمت في معظمها الأمير الشاب.
بعضها الآخر – على ما يبدو- غارق حتى أذنيه في صفقات تبادل المنافع ، إن لم يكن الرشاوى، مع بلاتر وطاقمه، وقد صوتت لبلاتر لرد الجميل عن تلك الخدمات من جهة، وللتستر على فضائح الفساد التي يمكن ان تتوسع دائرتها لتطال الكثيرين إن تبدلت إدارة الفيفا وتمكنت المباحث من الوصول الى معلومات أعمق عبر تفتيش الاوراق والحواسيب واستدراج شهادات الموظفين، وهو ما لن يحدث في حال استمرت الادارة القديمة على سدة عرش الفيفا، لأن الجميع سيخاف عندها من تقديم أي معلومة قد تضر بعمله ومصالحه .
نوع ثالث صوت لصالح صاحب الفرصة من باب براغماتي محض، وهو الوقوف مع القوي، فأربع ولايات متعاقبة لبلاتر كرسته لها للفيفا ، وهذا الإله قادر عبر المنح والمساعدات والعقوبات والسلطة الكبيرة لمؤسسته على القصاص من كل من لم يؤازره، ولذلك فضل هؤلاء تغليب المصلحة على الروابط القومية التي يرونها عاطفية، خاصة وأنهم يرون الامير صغيرا في السن، ولا يتمتع بالخبرة التي يتمتع بها بلاتر!!
ولكن، أيا تكن الأسباب، ومنها ما لم أذكره في هذا المقام، فإن الشارع الاردني قد أصيب بخيبة أمل قوية في مواقف الاتحادات العربية، فإن كنا عاجزين عن الاتفاق على مرشح لرئاسة اتحاد كرة القدم العالمي، وأعطينا الاجنبي بدلا من ابن جلدتنا، فعلى ماذا إذن سنتفق بالله عليكم؟ وهل تبقى من آمال لوحدة عربية سياسية أو اقتصادية او حتى اجتماعية؟!!
قد يقول البعض إن رؤساء الاتحادات لا يمثلون شعوبهم، ولكنني اقول إنهم هم من يقودون تلك الشعوب، فهل من أمل يرجى بعد في تكامل عربي؟!!
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
......إلى التعليق ( رقم 3 )
هي تقول: لو أعلنوا عن قضية فساد الفيفا قبل أسبوعين لاختلفت النتيجية .. طيب: طالما أعلنوا عنها قبل يومين وبقي بلاتر يحتفظ ب 133 صوتا .. ألا يعني ذلك أنه سيحصل على أكثر من هذه الأصوات لولا القضية؟
هي تفترض أن القضية تتعلق ببلاتر .. ولكن الصحيح أن القضية تعود إلى عام 1991 .. قبل رئاسة بلاتر بسبع سنوات.
موقف رئيس الاتحاد الآسيوي اعتمد على قرار الاتحاد (ثلاث مرات) دعم بلاتر حين ترشح قبل سنة، وذلك قبل أن يترشح الأمير علي. والاتحاد يعتبر أنه من (العيب) أن يتراجع عن كلمته ووعده.
بعض الاتحادات الوطنية الآسيوية اعتبرت أن الأمير علي لم يستشرها بالترشح (وهذا قاله الرجوب علناً أمس).
الاتحادات الأوروبية دعمت الأمير علي نكاية ببلاتر .. والسؤال: إذا كان العرب قد خذلوا الأمير، فلماذا لا نقول ايضا إن الأوروبيين خذلاوا بلاتر؟!
وأيضا كما تقول الحروب: طالما أن بعض القيادات الشابة في الاتحادات العربية في آسيا وأفريقيا تطمح إلى هذا الموقع، وهي تشعر أن دعم أي عربي يؤثر على فرصها هي في المستقبل .. فلماذا لم يتم التنسيق معهم في الترشح منذ البداية؟!
أنا شخصيا أكتب بتجرد وبسبب معرفتي بما يجري تماما في أروقة الاتحاد الآسيوي بالتحديد، ولا أكتب بالعاطفة طالما هناك معطيات ووقائع معروفm وواضحة للجميع.