ملاحظات حو ل اللجنة الملكية لتنمية الموارد البشرية


رم -


د. هيثم علي حجازي

أود أن أوضح، بداية، أنني تريثت في نشر هذا المقال إلى ما بعد تشكيل اللجنة الملكية لتنمية الموارد البشرية، والإعلان عن أسماء أعضائها، كي لا يتم تفسير الأمور من قبل البعض تفسيرات ذات دلالة خاطئة. وعليه، فإنني الآن أقدم بعض الملاحظات حول هذه اللجنة:


1. من المفروض، وأعتقد أن كثيرين يشاركونني الرأي، أن تكون الحكومة بكافة أعضائها، قادرة على استشراف تطلعات جلالة الملك وطموحاته في مختلف المجالات، وأن تكون على دراية وعلم تامين بكل ما يجري في المجتمع الأردني.

والسؤال هنا: هل من الضروري أن يتدخل جلالة الملك، دائما، للتوجيه في قضايا يفترض أن تكون من صلب تفكير وعمل حكومته ؟ ولماذا كان على الحكومة أن تنتظر منذ تشكيلها وإلى اليوم حتى يتدخل رأس الدولة ويأمر بتشكيل لجنة وطنية لتنمية الموارد البشرية ؟ وكيف لم تكتشف الحكومة وجود خلل في قطاع الموارد البشرية فتبادر إلى إصلاحه دون تدخل الملك ؟ألم يكن كل وزير من الوزراء واعيا بوجود خلل فيما يتعلق بالموارد البشرية وتنميتها ضمن نطاق وزارته واختصاصها ؟
2. يوجد جهاز حكومي يطلق عليه اسم (المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية) كان قد تم تأسيسه عام 1989 بقرار من المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا تحت اسم المركز الوطني للبحث والتطوير التربوي، ثم تم تغيير اسمه ليصبح المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية وذلك عام 1995 ليكون الهدف النهائي لهذا المركز الاسهام في تنمية الموارد البشرية.

ومن الواضح أن أداء المركز لم يكن عند مستوى التوقعات المطلوب خلال السنوات الماضية. وقد يكون هذا الأمر أحد الأسباب التي دعت جلالته الى التوجيه بتشكيل اللجنة المذكورة. فهل كانت الحكومة تعلم بوجود مثل هذا المركز ؟ وهل اطلعت على أدائه وعملت على تقييم نتائج الأداء؟
3. إن تشكيل اللجنة المذكورة سيضيف جهة جديدة إلى الجهات التي تعمل، وبدون أدنى تنسيق فيما بينها فيما يتعلق بالموارد البشرية. فهناك المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية المذكور، وهناك وزارة تطوير القطاع العام، وديوان الخدمة المدنية، مما يعني وجود أربع جهات معنية بهذه القضية، وبالتالي، تشتت الجهود والرؤى.


وبناء عليه، فإنني أقترح ما يلي:


‌أ. تحديد مجال عمل كل جهة من الجهات المذكورة (المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية، وزارة تطوير القطاع العام، وديوان الخدمة المدنية) بحيث تعنى الوزارة بتحسين مستوى الخدمات المقدمة من قبل الوزارات والدوائر الحكومية المركزية، تلك الخدمات التي أصبحت في أدنى مستويات الأداء ويشعر بها كل مواطن،وأنْ لا تتدخل الوزارة في قضايا الموارد البشرية مثلما يحدث الآن. كما يجب حصر دور ديوان الخدمة المدنية في الاشراف على تطبيق نظام الخدمة المدنية وعملية التوظيف، وباستقلالية تامة ودون تدخل وزارة تطوير القطاع العام في عمله، وبحيث يكون رئيس الوزراء رئيسا لمجلس الخدمة المدنية وليس وزير التطوير، بغض النظر عن شخصه واسمه، بهدف ضمان استقلالية الديوان وعدم التغول عليه، ولأنه ليس من المعقول أن يترأس وزير مجلسا أعضاؤه وزراء عاملون، وأن تقوم وزارته بمراقبة أداء الوزارات الأخرى ورفع التقارير عنها.


‌ب. أن يتم فصل معهد الادارة العامة عن وزارة تطوير القطاع العام وإعادته تحت مظلة ديوان الخدمة المدنية، فهو الجهة المسؤولة عن تطوير الموارد البشرية العاملة في القطاع العام وتنميتها. ويمكن، كحل آخر، إتباعه الى المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية بهدف توسيع نطاق عمله ليشمل تطوير وتنمية الموارد البشرية العاملة في القطاعين العاموالخاص، وهو الحل الأمثل.


‌ج. أما المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية فمن الواضح أنهبوضعه الحالي لم يتمكن من تحقيق الأهداف الموضوعة له. وعليه،أرى أن يتبع هذا المركز، ولأهمية نطاق عمله، بشكل مباشر لرئيس الوزراء، وأن يتم تشكيل مجلس ادارة للمركز من المعنيين بشؤون الموارد البشرية، والعمل على تفعيل أدائه، وتزويده بالموارد المطلوبة لتمكينه من القيام بواجبه بكفاية وفاعلية.


‌د. وبناء على ما ذكر أقترح أن يتم تجميد عمل اللجنة التي تم تشكيلها بهدف تخفيض عدد الجهات ذات العلاقة بالموارد البشرية، وكي لا يكون مصيرها كمصير لجان عدة سابقة تم تشكيلها ولم يلمس المواطن أي نتائج لها كلجنة النزاهة، ولجنة الحوار الوطني، وغيرها.

وعلى الرغم من المستوى الراقي للمؤهلات العلمية التي يمتلكها السادة أعضاء اللجنة، وخبراتهم المتراكمة، فإن الموقع الصحيح لبعضهم يجب أن يكون في مجالات أخرى لا في هذه اللجنة.وإنْ كان ولا بد فمن الممكن أن يكون بعضهم أعضاء في مجلس ادارة المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية كما هو مقترح في البند (ج).


‌ه. إعادة النظر في استراتيجية الموارد البشرية التي مضى على وضعها من قبل المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية ما يزيد على خمسة عشر عاما، وبحيث تأخذ الاستراتيجية الجديدة بعين الاعتبار العديد من التحولات التي دخلت مجال الموارد البشرية، مثل: علاقات العمل، ومحتوى قوة العمل، والتغير التكنولوجي، وتطور أدوار ومسؤوليات العمل، وغير ذلك.




عدد المشاهدات : (2979)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :