رم - بقلم المؤرخ والمفكر د احمد عويدي العبادي
السلط غرة البلقاء وصهوة العلياء، ودرة في جبين الأردن الغالي، عريقة عميقة في التاريخ الذي يقف امامها على استحياء، ويقف العمالقة في ربوعها يطاولون السماء، المدينة التي كانت الحضن الدافئ لمحطات واحداث التاريخ الأردني بكل مراحله واشكاله، يرقد في رحابها نبي الله شعيب الجذامي عليه الصلاة والسلام وهو النبي العربي الأردني وخطيب الأنبياء. وكانت محطة الراحة لابي سفيان ومن بعده ابنه معاوية، ومن قبلهم الانباط وملكتهم ماريا، التي كانت اخر من تربع على عرش المملكة الأردنية النبطية.
السلط المحروسة العزيزة لا تزال تحمل الأسماء والمسميات والعناوين التي تتعلق بتحرير القدس الشريف من الصليبيين: حيث وادي الاكراد الذي كان معسكرا لجيش العراق، والحارة التي كانت معسكرا للعشائر الأردنية والجيش الأردني باعتبارهم اهل الحارة والدار والديار ، وبقي اسم وادي الاكراد واسم الحارة لاصقا بالسلط بكل اعتزاز لأنها عناوين تتحدث عن دور السلط والاردنيين في تحرير القدس الشريف، كما نجد عنوانا اخر حول هذا الموضوع وهو العيزرية تيمنا بتحرير القدس من الاحتلال الصليبي, باعتباره اسم من أسماء احياء القدس الشريف.
وظهر من السلط عمالقة سطروا صفحات التاريخ بكلمات من نور، وهي واحدة من أمهات الأردن الثلاثة، التي هي السلط والكرك وعجلون، وكانت محطة المجاهدين حيث لازالت أصداء صهيل خيلهم تتجاوب ترنما في وديانها وعلى سفوحها وروابيها. السلط ام الجميع وهي وشاح جلعاد وشماغ الأردن، وبقيت مصنعا ورحما اصيلا لإنتاج الرجال عبر ماضيها وحاضرها، فهذا حسين الصبح الفاعوري وعبد الحليم النمر ورياض المفلح ورفعت الصليبي وماجد العدوان ووالده سلطان وجده علي وجده ذياب، وكايد الختالين وجده عبد القادر العريان الختالين، ونمر العريق وموسى الساكت وعلى مسمار وغازي عربيات وصايل الشهوان ومثقال الفايز ووالده سطام وجده فندي ومبارك ابو يامين وطاهر ابو السمن وفلاح الحمد والحاج عبد الله الداوود و حسين الشهاب و محمد الحسين العوامله واحمد باشا ابو جلمه وعبد الرزاق ابو هزيم وسعيد باشا الصليبي وعلي باشا ابو نوار وعلي باشا الحياري وابو جابر والمعشر،واخرون ليعذروني ان لم اذكرهم ومنها تخرج وصفي التل وأوصى بدفنه في ربوعها، ومنها تخرج رجالات الأردن الأوائل. ومنها وجد عودة أبو تايه طريق الحرية والسلامة بترتيب من أهلها، بعد ان اودعته الإدارة سجن السلط.
كانت عمان قرية من قرى السلط حتى مطلع الستينات من القرن العشرين، وكانت السلط تعني السلطة والقوة والشدة والغلبة وهي من معاني الأردن العزيز، وعندما كان الشيخ مثقال الفايز في ضيافة القائد التركي عام 1919، الذي امر (أي القائد التركي) بدك السلط بالمدفعية ، سأله الشيخ مثقال اين توجه هذه المدفعية، فقال الى السلط المتمردة، فنهض الشيخ مثقال غاضبا وقال كلمته المشهورة: (ان السلط امنا جميعا ونرفض إيذاء امنا، ومن الان ومن هذه اللحظة فإنني اثور ضد الاتراك) فثار الشيخ مثقال ومعه ثارت بني صخر ضد الاتراك لتحرير الأردن منهم
السلط هي الحضن الدافئ لعشائر ديار البلقاء جميعا من السلطية والعبابيد والعدوان والصخور والعجارمة والحمايدة والدعجة وبني حسن والبلقاوية في مأدبا وعمان، والمشالخة. كلنا أبناء السلط وأبناء الأردن، والحديث يطول كثيرا.
امام هذه الوقائع قام الأستاذ بلال أبو قريق خريسات بإنشاء مقهى تراثي ثقافي اجتماعي في السلط واسماه جلعاد كافيه، ليكون ملتقى أبناء السلط والبلقاء وسائر الأردنيين، وكلنا امل ورجاء ان يتم افتتاح مقاهي مثيلة في كل من الكرك واربد. اما جلعاد كافيه , فقد جرى افتتاحه يوم الاحد 8/3/2015 , برعاية كريمة من معالي الشيخ مروان الحمود وبحضور جمهرة كريمة من رجالات السلط وكان لي شرف الحضور بدعوة من الأخ بلال خريسات , بوصفي واحدا من أبناء السلط أيضا , وكان اللقاء لطيفا وديا شعر الجميع انهم اسرة واحدة متساوون والكل حريص على إنجاح هذا المشروع الحضاري الرائد , بنكهة السلط الأردنية التي نعتز بها جميعنا ونسترخي في أحضان امنا الدافئة لا فرق في الرتب والعشيرة والعمر والمؤهل العلمي والمرتبة الوظيفية , والموقع المالي او السياسي , فعندما نجلس في جلعاد كافيه في السلط المحروسة , فنحن جميعا أبناء الأردن وابناء السلط وتكون اخر الليل تعليلاتنا واحدة . حفظ الله الأردن وحفظ السلط والكرك وعجلون وسائر الديار الأردنية وأهلها. مين يارب العالمين

عدد المشاهدات : (8419)