"عاصفة الحزم": ثم ماذا؟


رم - محمد ابو رمان
تأتي حملة "عاصفة الحزم" الجوية الخليجية-العربية، بقرار سعودي بالدرجة الأولى، عشية القمّة العربية في شرم الشيخ، لترسل رسالة لافتة بأنّ هناك مبادرة ومحاولات عربية للخروج من حالة "السلبية" السافرة التي وصلت حدّ "الفضيحة التاريخية"، أمام التحديات والتهديدات المحيطة، وبخاصة تمدد النفوذ الإيراني والسيطرة على 4 عواصم عربية مهمة!
بدت واضحة حالة الاستياء في الأوساط الرسمية والشعبية السعودية، خلال الأشهر الأخيرة، من التطورات الإقليمية المقلقة، ومن تمدد إيران في الإقليم. لكن الأمر المقلق أكثر تمثّل في اليمن. وبالرغم من أنّ دول الخليج وقفت مكتوفة اليدين مع سيطرة الحوثيين على صنعاء، مما فتح الباب مشرعاً للتكهنات والتفسيرات وعلامات الاستفهام، إلاّ أن الحوثيين ومعهم إيران لم يكتفوا بذلك، بل تمددوا نحو السيطرة على المناطق الاستراتيجية الأخرى في اليمن، والتي تمسّ الأمن الخليجي نفسه، وأخيراً بالأمس سيطروا على مطار عدن، وأرادوا أن يفرضوا نفوذهم وقوتهم على أنحاء البلاد كافة، ما أدى إلى التدخل السعودي-الخليجي-العربي.
إلى أين سيمضي السعوديون، ومعهم العرب، في هذه العاصفة "الحزم"؛ هل سيكتفون بضربات جوية، أم سيدخلون بدرجة أكبر من القوة والتأثير ليقلبوا موازين القوى هناك، ويردّوا الرسالة إلى إيران؟ وكيف سيكون ذلك؟ هل تمثّل هذه "العاصفة" البذرة الأولى لما يسمى بـ"قوات الناتو العربية"، من أجل مواجهة التحديات المختلفة والمتنوعة ومصادر التهديد التي ضربت قلب العالم العربي في أكثر من موضع؟!
هذه الأسئلة هي التي تفرض نفسها على قمّة شرم الشيخ الوشيكة. وربما تأتي "الضربات العسكرية" ضد الحوثيين بوصفها مؤشّراً على التوقيت الخطير واللحظة التاريخية الفاصلة التي تعقد فيها هذه القمة، مع وجود أزمة بنيوية كبيرة يعيشها النظام الرسمي العربي المهترئ؛ فمصر رفضت توجيه الدعوة للمعارضة السورية لتحل بدلاً من النظام في القمة، لكن النظام السوري لن يُدعى هو الآخر، وليبيا تعاني من أزمة داخلية وفوضى وانهيار للدولة تماماً. أما العراق، فإن كان حيدر العبادي ممثلاً للحكومة العراقية، فإنّه بنظر كثير من الحاضرين سيكون مندوباً عن إيران. وكذلك شأن لبنان الذي يعيش حالة تمزّق سياسي تحت وطأة تضارب النفوذ الإقليمي.
هذه هي المعطيات أو المدخلات الرئيسة التي سيتم طرحها في القمّة العربية. وإن كان موضوع الإرهاب سيتصدر الاهتمامات، فإنّ تعريفه واستراتيجية التعامل معه سيمثلان موضوعين جدليين؛ فإذا كان هناك اتفاق حول المواجهة مع تنظيم "داعش" (ليس فقط في العراق، بل وأيضا في ليبيا وسيناء) والجماعات المتطرفة المرتبطة به، فإنّ هناك تبايناً واختلافاً بدأ بالبروز في الآونة الأخيرة حول أهداف ومسار الحرب الراهنة في العراق، ويختزلهما سياسيون عراقيون وسوريون في سؤال اليوم التالي لداعش. فسير المعارك حالياً يخدم إيران حصرياً في كل من العراق وسورية، ويساعدها على مدّ نفوذها وتكريسه، وهو ما أصبح يقلق بعض الأنظمة العربية ويدفعها إلى إعادة حساباتها في مشاركتها بالحرب على الإرهاب!
بالرغم من حالة التفكك والضعف والانهيار السافرة في النظام الإقليمي العربي، إلاّ أن القمة الوشيكة ذات قيمة مهمة، على الأقل على صعيد تعريفنا بالمقاربة العربية الجديدة، إن وجدت، تجاه صعود الإرهاب والنفوذ الإيراني والصفقة الأميركية-الإيرانية من جهة، وكشف مدى تماسك التحالف العربي المحافظ بعد الاستدارة السعودية.
ليس مفاجئاً، إذن، أن يرى بعض الدبلوماسيين العرب أنّ أهم ما في القمة هي الكلمة السعودية؛ إذ ستكشف لحلفاء المملكة العرب معالم التوجه السياسي الجديد مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، خاصة تجاه هذه الملفات الإقليمية الساخنة، وفيما إذا كنا أمام مواقف جديدة أم أنصاف مواقف، أم المعطيات نفسها التي أصبحت علامة للعجز العربي!



عدد المشاهدات : (3223)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :