بدران: أميركا دمرت العراق وتريد تدمير سورية


رم - - ينهي اليوم رئيس الوزراء الاسبق، ومدير المخابرات الأسبق مضر بدران الذي شغل العديد من المواقع الرسمية في عهد الراحل الملك الحسين، سرد ذكرياته السياسية عن أحداث عاصرها وشهد عليها.
ويؤكد بدران، الذي خاضت معه "الغد" تفاصيل وجوده في المواقع الامنية والرسمية، في 38 حلقة، بأنه تحدث بسرد شفوي، عاد فيه لذاكرة بعيدة؛ وفي وقت شكر فيه تفاعل القراء، وما ارسلوه من تصويبات، الا انه يؤكد عودته لوثائقه لحسم الجدل في كثير من القضايا، وانه يعد لنشر مذكراته على شكل كتاب، يوثق فيه رحلته مع الاردن والملك الحسين في المستقبل القريب.
ويشير بدران الى انه ما كان لهذه الفكرة، ان تختمر من قبل، لولا تلمسه لحقيقة تعطش الاردنيين لقراءة تاريخ المملكة خاليا من الشوائب والأخطاء، وهو الذي تفاعل مع القراء، خلال أيام النشر في صحيفة "الغد".
وبعيدا عن رده المباشر، على بعض التصويبات، إلا انه اكد لمحرر الحلقات، بعض اخطاء وردت في التنويهات، التي نشرت في "الغد"، وهو ما سيصوبه في حال أنجز مشروعه.
ويشير بدران الى انه التبس عليه ترتيب بعض المواقف، وتوزيعها على السنوات، خصوصا وانه خدم بمعية الراحل الحسين، لنحو ثماني سنوات ونصف، رئيسا للحكومة، مؤكدا دقة بعض الاحداث، لكن عدم دقة تواريخها، وهو ما يتطلب العودة لمحاضر بعض القرارات والمناقشات التي دارت حولها.
ولا يجد بدران ما ينفي صدقية روايته، لكنه يؤكد عدم الدقة في بعض الازمنة والاسماء، وهو ما صوبه بعض المتابعين من خلال اتصالاتهم المباشرة معه.
واليوم يقفل بدران الباب، على ذكرياته، ويشرع في توثيق مذكراته، مستفيدا من تأخره في الافصاح عن الاحداث التي شهدها وعاصرها.
وحول ما اذا بالغ بدران في الحديث والإسهاب عن الفترة، التي كان موجودا فيها بالسلطة، اكد بأنه تحدث عن تجربته، والتي اقتصد في سرد الكثير من تفاصيلها.
وعن جرأته خلال الفترة، التي عمل فيها مع الراحل الحسين، يؤكد بدران بأن الجرأة في طرح الرأي لا تتعارض مع احترام صاحب المقام جلالة الملك الحسين، لكن الراحل الحسين، كان يقبل الرأي الآخر، ويحترم الاختلاف، ويفصل بين رأيه والرأي الآخر على أساس من الخطأ والصواب. ويشدد بدران على أن الراحل الحسين "ما كان يعاقب على مخالفة الرأي لكنه يعاقب على الخطأ".
وفيما يلي نص الحلقة الأخيرة:

*حظيت سلسلة حلقات "سياسي يتذكر" مع "الغد" والتي كنت ضيفها؛ بجدل واسع، وعدد من التنويهات، التي رافقت أيام النشر، هل عندك تعليق عليها؟
-بالنسبة لي، تابعت باهتمام التعليقات على الحلقات، وأنا مدين بالفضل لبعض التنويهات التي وردت، واعتبرها صوبت جانبا من الذكريات البعيدة، وبعضها لم أعره أي انتباه، لأنها كانت شخصية، ولا تمت للأحداث بصلة.
والتنويهات التي أشير لها، سواء التي وصلت صحيفتكم، وتم نشرها، أو تلك التي أبلغني أصحابها بتصويباتهم بشكل مباشر، عبر هاتف منزلي، أو من خلال لقاءاتي بهم.
ولو أردت حقا أن أفند بعض المزاعم، لأخرجت أوراقا كثيرة، تغير بعض الحقائق، عند بعض من حاول أن يغير في التاريخ.
لكن دعني أتوقف عند أمور مهمة، أولها بأن مشروع صحيفة "الغد" "سياسي يتذكر"، هو مشروع حفزني للعودة لبعض الوثائق، والتحقق من بعض القضايا، وهو المشروع الذي وعدتك أن استكمله في كتاب أوثق فيه صفحات مهمة من تاريخ الأردن، وتاريخ الراحل الكبير الملك الحسين.
وأعتقد بأن جلساتنا التي استغرقت وقتا طويلا، غطت جانبا مهما من الذكريات، لكنها تحتاج إلى قراءة متأنية اليوم، كما تحتاج إلى ضم بعض الوثائق لها، حتى لا يدخل مزيفو التاريخ من الثغرات.
هنا لا أقول ذلك، من باب تسجيل البطولات، بل من باب تسجيل تاريخ الأردن، الذي عشته وعاصرته، وهو تاريخ سينصف رجالا كثيرين.
ثم إن بعض التنويهات فعلا، دفعتني للاستزادة بالذاكرة الموثقة، وهذا مكتبي في بيتي، الذي تعرفه، صرت أزوره كثيرا، بعد أن هجرته طويلا. خصوصا وأنني تحدثت عن مجموعة قصص لي، في مواقع المسؤولية، أما المعلومات عن الأحداث وتقييمها، فهذا أمر آخر، قد آتي عليه في سياق كتاب ووثائق.
ما أريده من كل ما أسعى إليه اليوم، هو أن يكون هناك من يروي عني القصة، كما أعرفها، وليس كما يريد البعض تحريفها، فالتاريخ لا يرحم.
التاريخ مهم، وقد نكون أخطأنا في أننا لم نكن نسجل كل شيء، فإن كان بناء الأردن مهما، ومشاركتنا في العمل الوطني مهمة، فان من المهم أيضا أن نروي عن وطننا، فننصفه إذا ما ظلمه الناس.
ولعلي أدعو في هذا المقام، إلى أن لا نستعجل كتابة التاريخ، لكن علينا أن لا نؤجل كتابته، ونحضر بعض الجدل، الذي يرافق نشره، فنجيب على ما نعرفه، ونحتفظ صمتا على ما لا نعرفه، أما أن نتحدث بما لا نعرف، فهذا تزوير خطير.
وأنا متأكد من أن بعض رجالات الدولة، عندهم الكثير من الكلام، واتمنى أن يخرجوا بأي شكل للجمهور والرأي العام، فننصف تاريخ الحسين وتاريخ الأردن.

*هل هناك من التنويهات ما تعتبره خطأ، وأن فيها تجاوزا وتزويرا على التاريخ، على الأقل من وجهة نظركم؟
- أنت تعرف أخ محمد، أن لدي ما أقوله، لكن في وقت آخر، وضمن كتاب، وليس ضمن أي سياق آخر، فيخرج الأمر عن غاياته وأهدافه، وهو سياق، سأتتبع فيه تاريخ تجربتي في المسؤولية؛ صفحة بصفحة.
ولا أريد أن أعيد الجدل هنا؛ لكن سأقول، ما أعرفه في وقت لاحق بإذن الله، وأكرر شكري على كل من تفاعل مع الحلقات، والشكر مضاعفا على الصواب منها.
لكن هنا، لا بد من الإشارة لقضية في غاية الأهمية، فعلى البعض أن يراعي بأني أروي شفويا، من ذكرياتي البعيدة، في عمل رسمي، تواجدت فيه لنحو 50 عاما، ولم أقل بعد، أن ما خرج في صحيفة "الغد" هي مذكراتي، كما أن الكثير يعرف عن بعض الأحداث، التي رويتها، لكن قد يكون القليل من يعرف كل الأحداث وتفاصيلها، او تابعها وشهد عليها من مختلف زواياها، لذلك بعض التنويهات جاء مجتزأ وليس كاملا.

* ننتظر بشوق ما ستقوله في مذكراتك؛ لكن هل تجاوزنا شيئا من تاريخك في "سياسي يتذكر"؟
-أنا من تجاوز، فرغبتي أن لا أسيء لأشخاص توفاهم الله، كما أن بعض من يشهدون على الأحداث، التي أرويها، انتقلوا لرحمته تعالى، ومنهم صديق العمر، الأمير زيد بن شاكر رحمه الله، والشريف
عبد الحميد شرف رحمه الله، بالإضافة لفقيدنا الكبير الملك الحسين تغمده الله بواسع رحمته.
وما أريده فعلا، أن آتي بالأوراق التي تؤكد شهادتي، وشهادتهم على مفاصل تاريخية من عمر هذا الوطن.
ومن يريد بعدها محاكمة تلك الفترة، عليه أن ينظر بشمولية للمشهد، ولا يقتصر نظره على زاوية من زوايا المشهد، فقد يعرف الجميع عن بعض الأحداث، لكننا قد نكون نعرف تفاصيل تلك الأحداث، وما سبقها ولحقها، لذلك علينا التريث بالحكم، والتمعن في الرواية.
من جهة أخرى، فقد اقتصدت في ذكر بعض المواقف، لأن بعض المعلومات لا يمكن نشرها في وسائل إعلامية مفتوحة، وقد يتسبب نشرها ببعض الحرج للموقف الرسمي، والعلاقات الأردنية العربية اليوم، وهو لا مجال للعبث به، فأنا أقدر الأمور والتبعات جيدا.

*الالتباس بالتواريخ والأزمنة؛ هل أخلّ بجوهر الحادثة؟
-على الإطلاق، الأحداث دقيقة، لكن سقطت بعض الأسماء سهوا، كما التبس علي بعض الاسماء، في المواقع، بين المراحل، من اعوام 1976-1979 ومن اعوام 1980-1984 ومن 1989-1991.
فالأحداث أغلبها حصلت وأتذكرها، وكأنها جرت بالأمس، لكنّ بعض الاسماء تداخلت عليّ؛ وعلى سبيل المثال، من كان نائب محافظ البنك المركزي العام 1978 اظنه حسين صدقي القاسم، وأنا قلت بأنه ميشيل مارتو، الذي كان في نفس الموقع العام 1989، وقد كان في الفترتين محمد سعيد النابلسي، رحمه الله محافظا للبنك المركزي، لذلك تداخل الاسمان عندي.
ما أريد قوله، ما كتبته في مطلع الحلقة الأولى، فانا خدمت في رئاسة الحكومة 3043 يوما، أفلا أخطئ ببعض الأسماء والتواريخ! كما أن هذا أول ظهور لي، عبر الإعلام منذ أكثر من 25 عاما، وهي المدة التي اعتزلت فيها السياسة، واعتزلت فيها الكلام، فليسامحني البعض على عدم الدقة، في بعض الأمور التفصيلية، وليس الأساسية.

* اتهمت بمبالغتك في الحديث عن نفسك، والبعض استغرب جرأتك بالحديث عن الراحل الحسين، واعتبرها مبالغا فيها؟
-المبالغة في الحديث عن نفسي؛ كان سببها سؤالك عني، فأنت سألت عن موقف ورأي ووجهة نظر وقرار مضر بدران، ولم تسأل مضر بدران عن الآخرين.
ثم ومن خلال اطلاعي، على جانب من حلقات سابقة، استضفتم فيها رؤساء حكومات سابقين، كانت الصيغة كذلك، تسألون عن شهادتهم، في تاريخ عاشوه وعاصروه، ولم تسألوا عن أشياء أخرى.
"الأنا" ليست في جوابي، بل "الأنا" في أسئلتك، فأنت تسأل عن مواقع، كنت فيها مسؤولا، ولذلك لم تسألني عن مواقف زملاء لي في المسؤولية.
أما الجرأة، في الحديث عن الراحل الحسين؛ فعليك أن تعي جيدا، وأن يعي القراء جيدا، بأن الراحل الحسين ما كان ليقبل أن يتجرأ عليه أحد، إلا في الحق والمَظلَمة، وأنه، رحمه الله، كان شخصية قوية ومتواضعة في نفس الوقت، وأننا في حضرته نتمثل هيبته بحب ورهبة.
أما جرأتنا معه، أو جرأته علينا، فلم تكن إلا على المصلحة الوطنية العليا، فهناك نتنافس ونتناقش.
رحمه الله رحمة واسعة، كان يقبل الرأي الآخر، ولا يقطع حبل أفكاره، وكان يقبل النقد من الصغير قبل الكبير، وهذه هي روعة شخصية الحسين، التي جمعت المتناقضات كلها، وصنعت ملكا للتاريخ.
أما عن جرأتنا أمامه، فهو من كان يطلبها، فهو لا يحب الإطراء على قراراته، بل يحب النقد، وهذا سلوكه معنا منذ عرفته، وأنا مساعد لمدير دائرة المخابرات العامة، حتى خدمته رئيسا للحكومة لمدة 8.5 سنة على فترات، ومستشارا ورئيسا للديوان الملكي.
ولعلي أقولها، بكل صدق ووضوح، الملك الحسين كان يعرف بأن المصلحة الوطنية هي هاجسنا، لم يكن لدينا أي أجندات أو مصالح شخصية، وكل جدالنا كان على المصالح العليا، وليس الشخصية.
ثم إن الراحل الكبير كان رجل سياسات، وكان يشارك سلطاته بالمسؤولية، ويمنحها الصلاحيات المطلقة، لكن من يخطئ في استخدام تلك الصلاحيات، فعليه أن يتحمل غضب الراحل الحسين، الذي كان غضبا شديدا، كما رحمته كانت وافرة.
فهو كان يقبل الرأي الآخر والاجتهاد، لكن كان يعاقب على الخطأ، فلا مجال للتهاون بمصلحة الوطن وأهله.

* الزميل الكاتب الدكتور محمد ابورمان؛ تمنّى عليك في الحلقة الأخيرة، أن تجيب عن سؤاله بماذا أخطأت، وبماذا تنصح الحكومات في هذا الزمن، هل عندك إجابة؟
-قطعا الإجابة موجودة، فالأخطاء واردة، ويستطيع الجميع أن يعرف أخطاء الحكومات في الأردن، وبرأيي من يعمل كثيرا يخطئ كثيرا، قد لا استطيع أن أحصي أخطاء الحكومات، التي عملت فيها، لكن قد يكون من الواجب العودة للأوراق والبحث فيها.
قد تكون الأخطاء موجودة في شكل تشكيل الحكومات، وتأخرنا في العمل الديمقراطي، لكن الظروف لم تسمح لنا بالتفكير الهادئ، وبناء الاستراتيجيات، وأن نسبق العالم بأفكارنا، على الرغم من تسجيل الأردن لتقدمه على جواره ومحيطه العربي منذ سبعينيات القرن الماضي، وكنا نعمل والجميع يلحقنا، ولم نهدأ في عملنا لحظة.
مشاريع البنى التحتية وقعت فيها أخطاء، لكن كيف لنا أن ننجزها، بشكل مثالي، ونحن بنيناها على مراحل، نتيجة شح المساعدات العربية، والتضييق على الأردن.
لا أريد أن أحصي الأخطاء، وأبرر أسباب حدوثها، لكن فعلا أحتاج اليوم، لأن اتذكر أخطائي وأقدمها للقراء.
أما ماذا أنصح الحكومات به، فهو العمل الميداني، وأن لا تترك للارتجال أن يسيطر على قراراتها، وأن تكون حكومات تدعم الملك، لا أن تكون عبئا عليه، وأن تصارح الشعب بقراراتها، وأن تجتهد في معرفة ما يجب أن يكون عليه الأردن، فالحكومات عليها أن تنظر بشمولية وتعمل بفاعلية.
وأنصح بالاستعانة بالحياة الديمقراطية، وأن تكون هي الوسيلة المعتمدة في تمثيل الشعب، وبذلك تنتظم المعارضة، ولا تبقى مشتتة ومتشعبة، لا أثر لها ولا حضور.

*قد تكون عليك مآخذ في الانحياز للعراق وحربه، وقراءتك لمستقبل المنطقة من دون قوة عربية، هل يمكن أن تعيد تقييم رؤيتك، وهل تعتبر ذلك "تورطا"، كما اشار الزميل الكاتب فهد الخيطان في مقال له؟
- بالنسبة لي موقفي واضح، أنا عربي أردني، لا استطيع أن اتخلى عن هويتي، والعراق ساندته، وهو يتعرض لقصف على أيدي الغرب وأميركا واسرائيل، وما كان لي أن أقف مكتوف اليدين.
وكانت قناعتنا منذ ذلك الوقت، بأن أميركا تريد منطقة عربية، ضعيفة تعيش اسرائيل فيها مستفردة بالقوة العسكرية والاقتصادية.
وهذا يبرر ما يجري في سورية ومصر، أيضا، بعد العراق.
لقد كان موقفي واضحا من احتلال بغداد، واعتبرته صفحة جديدة في تاريخ الضعف العربي، وها نحن نعيش تداعيات ذلك.
وأرجو أن يعيد البعض قراءة ما صدر عني، فنحن لم نتورط، نحن استثمرنا الموقف استثمارا إيجابيا، لبينا مطالب شعبنا وممثليه في مجلس النواب، وعبرنا عن قيم عروبتنا الأصيلة، فكنا الوسيط العربي الأخير الذي حذر من الحرب.
ولم نكن نريد للحرب أن تقوم، وهي "الفخ" الذي وقع فيه الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وكأن كل ما جرى قبل الحرب كان مدبرا بليل، فهل يعقل أن نحاسب على موقفنا العروبي القومي النبيل، لم نقبل احتلال دولة عربية لدولة عربية، ولم نقبل ايضا أن يشن تحالف دولي، تشارك فيه إسرائيل، حربا وقصفا لبلد عربي بحجم العراق.
العالم لم يفهمنا، بل أراد العالم والعرب أن لا يفهمونا.
لكن استطيع أن أعيد كل الفضل للراحل الحسين، الذي كان يعرف جيدا، كيف يتعامل مع متغيرات السياسة الدولية، وكيف يأخذ الموقف الأميز، بين كل تلك المواقف، لقد عاد الراحل الحسين لحضن المجتمع الدولي رقما صعبا، رغم كل المكائد العربية ضده.
لذلك، ما كنت أخاف يوما على الأردن، لأن الراحل الحسين، يعرف كيف يستخدم كل ظرف، ويربط بين الأولويات الداخلية، والمتطلبات الإقليمية والدولية، بمعادلة لا يمكن لأحد أن يصيغها غيره.
لكن اليوم، قد أعيد طرح سؤال "الورطة" من جديد، فهل تورطنا بموقفنا من الحرب على العراق العام 1991، أم في موقفنا من احتلال بغداد العام 2003، وأي المواقف كانت الأكثر انسجاما مع أمن الأردن؟
اثر احتلال بغداد العام 2003 استبدل النظام السياسي، الذي كان قائما، بحكومات المذاهب، ثم صنعت البيئة الملائمة للإرهاب والتطرف، الذي وجد تربة خصبة، في ظل الانفلات الأمني والفوضى.
إن الموقف العربي السلبي من احتلال بغداد، تسبب في ما نعيش به اليوم، من حرب على الإرهاب، لا هوادة فيها، ونتمنى أن "لايصل الدب لكرمنا"، فهؤلاء خلايا تنشط وتنام على الغش والخديعة.
هل تورطنا في سعينا العام 1991 لحماية العراق من التقسيم؟ وإن كان هذا تورطا، فلماذا لا نقول عن موقفنا السياسي الرسمي من حماية وحدة الأرض السورية تورطا، حيث رفضنا المشاركة في الحرب على النظام السوري القائم؟.
لقد انحزنا وننحاز لشعار وحدة الأراضي السورية، ورفض تقسيمها، وهو درس تعلمناه، بعد ما تعرضت له العراق وتتعرض، من شبهة تقسيم وفوضى أمن، وقتل على الهوية الطائفية.

*وهل هذا موقفك من سورية اليوم؟
-أخ محمد، تتذكر جيدا، كنا قد التقينا في مطلع الأزمة السورية، في 16-4-2011، بعيد انطلاق المظاهرات في درعا، وسألتني عن مؤشر الأزمة هناك، وأين ستذهب بسورية والسوريين شعبا ونظاما، وأجبتك بأنها ستذهب نحو تقسيم سورية وفكفكة وحدة أراضيها.
المظاهرات التي انطلقت تريد الحرية والكرامة في سورية، وهي مطالب محقة، لكن أنظر كيف تغيرت الأمور، وتطورت الأحداث، وأرجو أن لا نبتعد في تفسيرنا لهذا التطور، عن أن أميركا وإسرائيل تعملان على تفكيك الخريطة العربية، وإعادة ترسميها، كدول مذهبية طائفية، يصعب تجميعها على شعار أو مصلحة.
أخاف على وحدة الاراضي السورية بالدرجة الاولى، وإذا لم يسقط نظام سياسي، ويحل مكانه نظام سياسي بسرعة، مدعوم بجيش منظم، فاعلم بأن الحرب ستطول، والكارثة ستكون أكبر من حساباتنا.
أما علاقة النظام السوري بشعبه، فهي علاقة لست من يقيمها، أو يكون له رأي فيها، فأنا مع الحريات والديمقراطية للشعب السوري، ولكن ما جدوى كل ذلك، أمام شبهة تقسيم سورية، وعيشها تحت نير الفوضى الأمنية والاقتتال والدم.
أميركا دمرت العراق، وهي تريد ذلك لسورية، وأخشى على مصر، وعندها لك أن تكون متوقعا للمصير الذي ينتظرنا جميعا، فكل ما يجري يخدم إسرائيل ولا يخدم أحدا سواها.



عدد المشاهدات : (4651)

تعليقات القراء

سالم
من كان له الدور الاول ضد سوريا في الماضي من نسق ورعى اخوان سوريا في الماضي

سبحان مغير الافكار
05-03-2015 10:48 AM

أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :