وكأن أحداً لم يشاهده!


رم - محمد ابو رمان

لم يتجاوز التعديل الوزاري الذي أجراه د. عبدالله النسور على حكومته، سقف التوقعات؛ بل ربما نزل كثيراً عنها، على الرغم من قناعة كثير من المراقبين السياسيين مسبقاً بأنّه سيكون تعديلاً فنيّاً محدوداً. وإن كانت المفاجأة الوحيدة هي عدم تعيين وزير دفاع، كما كان مفترضاً بعد التعديلات الدستورية الأخيرة، إلاّ أنّه يمكن التعذّر هنا بأنّ الخطاب الملكي ترك الباب مفتوحاً إلى حين نضوج الفكرة تماماً.
سوى ذلك، ربما تكمن أهمية هذا التعديل، من باب الطرافة، في أنه قد يكون أكثر تعديل لا يلقى اهتماماً شعبياً وسياسياً، ويبدو باهتاً للغاية، لا يشجّع ولا يدفع إلى تحليل للحقائب السياسية أو الاقتصادية، ولا حتى إلى تعليق ملحوظ على شبكات التواصل الاجتماعي. أي إنّه مرّ وكأنّ أحداً لم يره ولم يسمع عنه، على غير عادة الشعب الأردني الذي يهتم وينتبه لكل شيء!
تجنّب التعديل الحقائب السياسية تماماً، وهي الملاحظة التي سنعود إليها لاحقاً؛ فيما لا يجد الخبراء أو المراقبون فرقاً واحداً رئيساً بين رؤية عماد فاخوري ود. إبراهيم سيف، أو تحوّلات نوعية في المجال الاقتصادي بتحريك الحقائب ذات الصلة. ولا توجد إضافة نوعية متوازية مع زيادة حجم تمثيل السيدات في الحكومة، فيما القيمة المضافة الفنية الوحيدة المتوقعة هي تخليص وزارة السياحة من خطأ فادح ارتكب بحقها، عندما تمّ ربطها سابقاً بوزارة أخرى، ما أدى إلى تجاهل هذا القطاع الحيوي المهم وإهماله.
ذلك لا يعني بالضرورة تغيير وزراء لأجل التغيير؛ فهناك مجموعة جيّدة في حكومة د. النسور، تمتعت خلال الفترة الماضية بسمعة جيدة وبأداء معتبر. وربما ميزة هذه الحكومة عن حكومات سابقة أخرى، هي الولاء الواضح والعميق من أفراد الفريق الوزاري للرئيس، والتضامن الملحوظ بينهم؛ إذ هم يدافعون عن نهج الحكومة في غياب الرئيس، وتختفي الأجنحة تماماً من عملها، فيما تبقى خلافات شخصية معروفة للجميع بين د. النسور وبين وزيرين يحملان حقيبتين سياديتين، إلاّ أنّ التغيير لم يطلهما. وذلك أيضاً، بالمناسبة، كان متوقعاً!
لماذا جاء التعديل باهتاً سياسياً إلى هذه الدرجة السافرة؟
ليس لأنّه، في ظنّي، لم يطاول الحقائب السياسية، بل لأنّه لم يرسل أي إشارة إلى أي تغيير على الأداء العام لحكومة د. النسور في الجانب السياسي، وهو الجانب الأكثر فقراً في نصيبه من اهتمام الحكومة، والأكثر إهمالاً؛ وكأنّ الرئيس نفسه نفض يديه منذ مدة طويلة من الشأن السياسي، وبدا اهتمامه الأساس على إدارة الأمور المالية والقضايا اليومية. إذ حتى في القضايا الرئيسة الكبرى؛ ما يدور في المنطقة من أحداث كبيرة تؤثر على الأردن، وفي النقاشات والسجالات الداخلية، من الملاحظ أنّ هناك غياباً كاملاً للرئيس.
هل نحن أمام تكريس دور جديد، بعد التعديلات الدستورية الأخيرة، لرئيس الحكومة؛ ليكون أقرب إلى "المدير"، ويكتفي بإدارة الشؤون الداخلية المحلية، ويتخلى عن دوره في الملفات السياسية الكبرى الداخلية والخارجية؟
ربما. لكن كيف يمكن أن نقول بعد ذلك إنّه من أقوى رؤساء الحكومات الذين مرّوا على البلاد خلال الفترة الأخيرة؟ قد يكون ذلك في قوة شخصيته، والكاريزما التي يمتلكها في الحضور الإعلامي، وفي خبرته السياسية وقدرته على الإلمام بالملفات. ذلك صحيح تماماً، لكن ليس على صعيد الدور السياسي بكل تأكيد!



عدد المشاهدات : (3154)

تعليقات القراء

د.عادل
مع الأحترام لشخص الدكتور النسور فهو يعرف حدوده في السياسات الخارجيه للبلد وربما يكتفي بتوزيع المناصب والمكاسب وهو مستمتع بذلك
04-03-2015 12:32 PM

أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :