.. الوفاء!


رم - طارق مصاروة

مات عمنا أحمد اللوزي، كما يموت النبلاء: لا خرف، ولا مستشفى، ولا عجز في القيام بالواجبات، فقد كان رئيس لجنة تعديل الدستور، وكان يعزي ويهنئ.. وكان وجهه الجميل البشوش يملأ الحضور في كل محفل يدخله!
في أواخر الخمسينيات كنا أحياناً نزور الديوان الملكي.. جماعة الاذاعة، كان مدخل الديوان كما هو الآن لكن التغيير شمل المكاتب، فقد كان في الصدر «مكتب سيدنا» وعلى اليمين رئيس الديوان، ومقابله على يسار المدخل مكتب رئيس التشريفات أحمد اللوزي.
كنا نذهب إلى مكتبه فيبشّ الرجل الطيب: يا مرحبا بالإذاعة، أظن أنكم تودون السلام على سيدنا!
كان يشعر الجميع أن سيدنا هو للناس، وأن لكل أردني أن يسلّم على سيدنا، وكانت الأجواء أجواء دموية، وحاقدة.. فلم نكن تجاوزنا أحزان شهداء آل البيت في العراق، وكنا محاصرين، وكان تهديد الأشقاء لبلدنا حقيقياً، وعلى بعد متر واحد من الرمثا!
ومع ذلك فقد كانت أبواب الديوان مفتوحة، وكان باب مكتب سيدنا عليه اثنان من الحرس التقليدي، بثيابهم الجميلة المهيبة.. وبسلاحهم الذي لا يتجاوز «القامة» المشهورة، كانت ابتسامة عمنا أبو ناصر وهيبة المكان هي الحارسة والحامية.. والله الحامي!
وأحمد اللوزي لم يكن يوماً سياسياً بالمعنى المعروف، بدأ كمدرّس محبوب، ثم في الديوان، ثم وزيراً.. ورئيسا للوزراء بعد استشهاد الرئيس التل، فقد كان رحمهما الله نائبي الرئيس!. كان العم وبقي طوال عمره المديد، جزءاً من الديوان الملكي، وكان بيته كمكتبه في الديوان.. مفتوحاً، فأحمد اللوزي لم يكن عدواً لأحد!
قبل فترة زاره سيدنا في بيته، وكان المشهد يأخذ شكل الوفاء بكل معانيه وفاء الملك لسنديانة أردنية قديمة شامخة، ووفاء أحمد اللوزي للقيادة والعرش فمن الطبيعي أن يكون مثواه قريباً من عبدالله المؤسس، وطلال والحسين. رحمهم الله.



عدد المشاهدات : (2538)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :