التوظيف الأخطر لداعش!


رم - ماهر أبو طير

آلاف مقاطع الفيديو، يتم بثها يوميا، لمشاهد تمثيلية عربية، تتندر على «داعش» وأفعال «داعش»، وهي افعال -بلا شك- مذمومة وغير مقبولة، ومع هذه المقاطع التمثيلية، مقاطع أخرى، لا تعرف أين يتم إنتاجها، وهل حقا يمكن نسبها لهؤلاء؟!.
لا يمكن لأحد عاقل إلا أن يضع اللوم كل اللوم على «داعش» وافعالها، فهي التي قدمت خدمة مجانية لخصوم الإسلام في العالم، وكثرة في العالم اليوم، تقول بشكل صريح ان تطرف هؤلاء وافعالهم لم يأت من فراغ بل اتكأ على نصوص في الموروث الديني، وهذا يعني اتهام الإسلام ذاته بأنه يحوي القواعد للقتل والذبح والسرقة.
«داعش» تنظيم هنا، وكلفة افعاله، نراه فيما هو أوسع وأشمل، إذ أن جهات كثيرة في هذه الدنيا تقوم بتوظيف قصة «داعش»، لإهانة المتدينين، ومس سمعة الدِّين، وأغلبنا -بعلم أو بغير علم- يتم استدراجه الى هذه الصورة، إذ بات لافتا للانتباه ان الخط الفاصل بين التبرؤ من «داعش»، والتبرؤ من المسلم المتدين بمظهره المعروف، خط ضئيل جداً.
بت تسمع في كل مكان عندما تجالس نفرا من الناس أو تمر من قرب أحدهم، ومظهره يدل على انه متدين، كلاما من باب السخرية، والغمز بكون فلانا قد يكون «داعشا»، أو في طريقه الى الانضمام لـ»داعش»، والسخرية تمتد عبر المسلسلات ومقاطع الفيديو التمثيلية الكوميدية التي ُتشنع على «داعش» فوق مافيها من افعال شنيعة.
المقصود النهائي، فض الناس عن الدِّين، وتحويل الدِّين الى حالة منفرة، وفض الناس عن العنوان الملتزم، وعن الأشخاص أصحاب الميول الدينية، أيا كانت درجات هذه الميول.
فرق كبير بين إدانة «داعش» بحد ذاتها، وبين توظيف «داعش» بشكل ذكي، لإهانة الدِّين والمتدينين في المطلق، والفرق يقول ايضا ألا أحد يقبل بأفعال «داعش»، لكنك تلمس تنميطا جديدا لصورة المتدين الملتحي في المطلق، باعتباره يحمل ذات الجينات الفقهية، أي استعداده للقتل وباعتباره لايهتم إلا بالمال والنكاح.
التذاكي في هذا التوظيف وصل مرحلة خطيرة تريد من كل إنسان بذريعة التنوير، أن يمد براءته من «داعش» الى البراءة من اي انسان ملتزم، باعتبار ان كل هؤلاء وحدة واحدة، ولا يمكن ممارسة ترف الاستغراق في الحديث عن الفروقات بينهم.
المحصلة أن أمَّة النبي -صلى الله عليه وسلم-، تتعرض لحرب غير مسبوقة في تاريخها، ومن يدعون الانتساب اليها، مثل «داعش»، يقدمون رأس الاسلام على طبق من ذهب الى العالم، وهذا العالم لا لديه وقت لقراءة الفروقات الفقهية التي تحكم المذاهب والمجموعات، والذي يعلق في ذهنه فقط صورة المسلم المجرم القاتل هاتك الحرمات، جراء الاف التقارير التلفزيونية التي يتم بثها في العالم، وتحوي صورا لبشر اطلقوا لحاهم وحملوا اسلحتهم، وشعاراتهم اسلامية.
الأخطر هنا، هو فض المسلمين ذاتهم عن التدين، باعتباره في نسخ كثيرة يعني القتل والجريمة واستهزاء العالم، ويعني الجهل والتخلف، والمقصود هنا، فض ذات المسلمين عن دينهم، جراء هول هذه الفتنة، فيصير النزوع عند كثيرين، للتخلي والشك والارتياب.
«داعش» مدانة بكل مافي الكلمة من معنى، لكن الإدانة اعظم ازاء توظيفها لضرب ذات الاسلام، وفض المسلمين من حول دينهم، باعتبار انهم يرون بعيونهم ماجاء به الاسلام ميدانيا من فظائع، وهذه بحد ذاتها فتنة، تستلزم ان ينهض المتنورون، وألا يسمحوا بهذه المآلات، التي تسبب بها التطرف، ونجح الخصوم في توظيفه خير توظيف.



عدد المشاهدات : (1691)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :