فتيات يحولن وجوههن إلى لوحات من كثرة المكياج


رم - لم يعرف الثلاثيني مراد عطا إحدى زميلاته فور رؤيتها، رغم أنه يعمل معها ويراها يومياً منذ ثلاثة أعوام.
والسبب في ذلك، كما يقول، هو أنها جاءت في هذا اليوم بدون أن تضع "المكياج" على وجهها، وهو الأمر الذي جعلها تختلف كثيراً لدرجة أنه لم يعرفها على الإطلاق، مشيرا إلى أن ملامحها بدت أجمل بكثير وهي على طبيعتها بدون أي تلوينات.
ويردف مراد "لا أعرف ما الحكمة من وضع المكياج إذا كانت الفتاة تبدو بدونه أجمل بكثير، وما يحدث مع زميلاتي وغيرهن هو المبالغة بوضع كميات من المكياج لدرجة أنهن يطمسن ملامح وجوههن تماماً وتخفيها".
مراد ليس وحده الذي لا يحبذ وضع الفتاة للمكياج؛ فهيثم علي هو الآخر ينتقد هذه الطبيعة بزميلاته وبالفتيات عموما؛ إذ يؤكد أن إحدى زميلاته تضع على وجهها كميات كبيرة من المكياج، لدرجة أن ملامحها كلها تتغير.
ويضيف أنه لا يعرف ما السبب من وراء كل هذه الكميات في الصباح الباكر، والتي تليق بمكان العمل، منوها إلى أنه ومنذ أن عمل معها لم يرها يوماً من دون الرموش الاصطناعية أو تدرجات ألوان قوس قزح التي تضعها فوق عينيها، ذلك عدا عن الطبقات التي تكون على وجهها والتي لا تلائم بشرتها بتاتا.
ويقول "إنه يكره المكياج بطريقة لا توصف، وأول شروطه لارتباطه بأي فتاة هي أن تكون طبيعية جدا وبعيدة عن كل تلك التصنعات".
مراد وهيثم هما نموذجان يعكسان وجهة نظر كثير من الشباب تجاه بعض الفتيات اللواتي يفهمن المكياج بصورة خاطئة جداً وبعيدة كل البعد عن القصد الأساسي منه، ما يجعله يتحول من أداة للتجميل إلى أداة لتغيير براءة ملامح الوجوه، عدا عن سوء تقدير الكثير منهن في اختيار المكياج المناسب للمكان المناسب.
الخمسينية هناء إبراهيم هي واحدة من الأمهات التي تستاء كثيراً من بناتها، اللواتي -بحسب وصفها- يطمسن وجوههن بالمكياج يوميا قبل الخروج من المنزل، منوهة إلى أنهن يعكفن على تزيين أنفسهن قبل المشوار بساعتين.
ذلك الأمر يزعج هناء كثيراً، خصوصاً وأنها ترى أن المكياج لا يجملهن على الإطلاق ويبعد صفة النعومة عنهن، ويبدين مختلفات تماماً من دون مكياج.
ولا تكف هناء عن ترديد مثل شعبي لبناتها وهو "لولا علبة مكي كان الحال ببكي" وتقصد بها علبة المكياج، عل وعسى أن يخففن بعض الشيء منه.
وفي ذلك، يرى الاختصاصي الاجتماعي د. حسين الخزاعي أن الهدف الأول والأخير من استخدام هذه المستحضرات هو لفت النظر وجذب الانتباه، بالإضافة إلى أن الفتاة تعتبر المكياج طريقة لتقديم النفس فلذلك تلجأ للمبالغة في وضعه.
ويشير إلى أن الفتاة ترى أن هناك عيوبا في وجهها قد لا يلاحظها الناس، وتكون بالنسبة لها مشكلة لا بد من اخفائها والتخلص منها من خلال وضع هذه الطبقات، مبيناً أن المسألة هي تعويد، فمن اعتادت على شكلها بمكياج لا تستطيع أن ترى نفسها بدونه أو أن تبتعد عنه.
ويعزو الخزاعي تعلق الفتيات بالمكياج إلى التنشئة منذ الصغر على ذلك وحبها للمكياج، بحيث يكون أقصى طموحها وهي طفلة أن تضع بعض المستحضرات على وجهها، غير مدركة لأضرارها الصحية ومخاطرها.
ويردف "عدا عن أنا هناك فئة كبيرة من الفتيات يلجأن إلى تبييض بشرتهن من خلال هذه الطبقات، والدافع وراء ذلك هو المجتمع الذي يفضل الفتاة ذات البشرة البيضاء على السمراء، ما يدفعها إلى اللجوء إلى وضع كل تلك الكميات".
ويذهب الاختصاصي النفسي د.موسى مطارنة، إلى أن تجميل الفتاة لنفسها يعود إلى ثقافة المرأة ومحاولة إبرازها لذاتها، وهو أمر طبيعي بالحدود الطبيعية، لأنها تريد أن تخفي ملامحها حتى تظهر بالمظهر التي هي مقتنعة فيه وراضية عنه.
ويشير إلى أن استخدام المكياج في مكانه الصحيح لا ضرر فيه، لكن هذا يدخل في باب الثقة بالنفس، فالشخص الواثق من نفسه يهتم بفكره وثقافته وروحه، موضحا أن "هناك فتيات يعتقدن أن وضع كل تلك الطبقات يظهرهن بشكل أجمل ويعوض النقص الذي يعانين منه بزيادة الكميات وإخفاء المشكلات وهذا جزء من التزييف المكشوف".
والأصل، كما يقول مطارنة، هو استخدام الأشياء بتوازن واعتدال.



عدد المشاهدات : (2281)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :