على «طاري» اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي احتفل فيه العالم يوم السبت الماضي..فقد كنت يوم الأربعاء الذي قبله أي يوم 30-4 أوقف سيارتي في تمام التاسعة صباحاً في الموقف الترابي القريب نسبياً من قصر العدل لأخذ إفادتي في القضية السادسة المرفوعة علي...وعلى «طاري» اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي احتفل فيه العالم..فإنني سأجلس يوم غدٍ الأربعاء 7-5 في قصر العدل على قضية مطبوعات ونشر أخرى..
المسالة صارت روتينية، مجرّد أن أصحو في تمام السابعةً وأحلق ذقني على عجل..تسألني أم العيال «شو قضيتك اليوم؟» فأقول لها النائب الفلاني او ألوزير الفلاني أو قضية مجهولة «عند المدعي العام».. البس بدلتي ، وأصبح على أمي أقطف رضاها ثم أغادر والنعاس يبث رتابته في السيارة وهي تصعد وتنزل جبال جرش وتعرجات الرمان وسلحوب وصويلح..ومجرد ان أصل العبدلي وأبدأ أبحث عن موقف قريب في ساحة المواقف المدفوعة..حتى يلاقيني صديقي الشاب مهند الخطيب أحد الذين ينظّمون السيارات في الساحة الترابية بابتسامة جميلة ..»شو القضية اليوم أستاذ»؟ فأسمي له أحد الشخصيات المهمة... فيضحك من قلبه .. ويرفض أن يأخذ مني ثمن الموقف..فأقول له : ولك من يوم ما خلقت وأنا ادفع ثمن مواقف!!..هي وقّفت ع موقفك!!....فيدعو لي وأغادر..
أخضع لتفتيش روتيني على بوابة قصر العدل..ثم أصعد الدرجات الى البهو الواسع..أنظر في وجه المحاميين والمراجعين ثم اكمل طريقي في الصعود الى المحاكمة على يمين الدرج العلوي أتصل بصديقي الأستاذ المحامي مروان سالم من مركز حماية وحرية الصحفيين..نشرب القهوة بمعيته كــ»ترويقة» ما قبل الإفادة نراجع القضية وعبارات الإفادة..ويؤكّد علي « اذا سألك القاضي مذنب.. قل له غير مذنب..» ولأن صديقي أ.مروان يعرف أن ذاكرتي سيئة والزهايمر صار ينهش بالتركيز يعيد عليّ نفس العبارات « إذا سألك ليش نشرتها..قل له: تحريت النزاهة والموضوعية في نشر موضوع يخصّ العامة».. ثم يعيد لي: شو بدك تحكي له؟... فأنسى العبارات المحددة التي لقنني إياها وأقول له: « هظول اللي حتشيتهن»!..وقبل الدخول الى غرفة القاضي أو المدعي العام.. أتناول محفظتي..اخرج بطاقتي الشخصية وأدخل... ومجرّد دخولي قاعة المحاكمة والهوية في يميني أقابل بابتسامة عريضة من المدعي العام غالباً صالح بيك الشوابكة.. او دائماً القاضي د.نصار الحلالمة..تؤخذ الإفادة في أقل من خمس دقائق وأوقع على المكتوب ثم أغادر..واذا سمع محمد بيك الصوراني عن حضوري لا (يطلق سراحي) الا بعد فنجان قهوة سادة في غرفته وبحضور عدد من المدعين العامّين يكون محور الحديث «شو قضيتك اليوم؟؟»..
في زمن ما كان الكاتب يسأل «عن شو مقالتك اليوم؟ «..صار الكاتب يسأل « عن شو قضيتك اليوم»؟؟...وفي زمن ما كان الصحافي يبات في المطبعة ليرى مادته او مقاله المنشور وهو يخرج طازجاً من رحم الماكنة ليفرح بما كتب..الآن صار الصحافي يبات في غرفة الأرشيف بحثاً عن صورة «كفّ الطلب»!!.. 
[email protected]