ابتسامته سر المدى، وأيامه بالخير الى امتداد.

ولد مالك حداد في العام 1958، في عجلون الشماء، ومن مطالع جبالها وذراها العالية استمد العزم والاباء، بيد ان حياته كلها كانت للوطن، مترنما دوما، أينما حل وكان، بما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي :" لا شيء يعدل الوطن".

يشغل حداد منصب مدير عام شركة "جت"، ذات الشركة الناجحة والريادية التي رسمت في افئدة الاردنيين مكانتها، فمخضوها ثقتهم.

يصفه مقربون منه بانه بسيط كنسيم عليل، وذكي، ولماح، مع طيبة قلب وعقل راجح وله في ميادين البر والأمل الف جناح و..جناح.

ليس النقل في فلسفته مجرد ترحال بالناس، فكلما اتسعت المدن وازدادت حضارة ورقياً، احتاجت الى وسائل نقل تواكبها، ما يذكر بأن الحضارة نفسها انتقلت من مكان الى مكان.

الفتى الذي استهوته المروج في مشاويره اليومية الى مدرسته، وشرب من عيون عجلون، أدرك مبكرا ان دربه يحدها العلم.. ويقودها.

حاز البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية/ وكان أول اردني يحصل على شهادة الجدارة المهنية في النقل C.P.C.

عمله في شركة جت التي تاسست في القدس عام 1964، شكل بالنسبة للشاب الطموح المدجج بالعلم والاجتهاد، فرصة للابداع، ولم يطل الزمن حتى حلق "بجت" ، كالنسور غوق الذرى، حتى اصبحت الشركة الاولى ومقصد الركاب لما تتمتع به من مصداقية وسهولة في التعامل، مع وعد دائم بالوصول.

ومن فخر مديرها العام والعاملين فيها انك لا تكاد تذكر اسم جت في اي مكان في العالم ، حتى تجد من يعرف ان هناك شركة للنقل السياحي في الاردن اسمها جت.

تحوي الشركة ذات الصيت المحترم ما لا يقل عن 150 حافلة تجوب كلا من القاهرة ، السعودية ، سوريا ، لبنان وأيضا جسر الملك حسين، اضافة التي توفيرها رحلات العمرة والحج .

قصة النجاح التي يزيد عمرها عن 50 عاما ليست وليدة الصدفة، فمن سياسات الشركة "درهم وقاية خير من قنطار علاج" اذ تعطي جانب الصيانة الدورية عناية كبيرة، فنسبة الأعطال لا تتجاوز 2% ولدى الشركة كادر من الفنيين والسائقين يفتخر به .

اما عن النقل على الخطوط الداخلية فلدى الشركة قرابة 60 رحلة الى مدينة اربد يوميا و40 الى العقبة، وجت هي الشركة الوحيدة التي لها خطوط مباشرة يقبل المواطنون عليها نظرا لمصداقيتها العالية والراحة التي توفرها في حافلاتها المريحة والمواكبة دائما للتطورات.

ومؤخرا بدأت الشركة تنفيذ خططها الإستراتيجية بالتوجه الى المحافظات، وافتتحت مكتباً في الزرقاء .

ويلفت حداد الى ان قصة نجاح الشركة "تكمن في طبيعة العلاقة التي نتواصل بها مع موظفينا والذي يبلغ عددهم حوالي 550 عامل وامتيازاتهم مضمونة من ضمان اجتماعي وتامين صحي، ورفعت الشركة هذا العام الرواتب للسائقين 10% والآخرين 5% . بمعدل رواتب لا يقل عن 500 دينار والأساسي 200 دينار ومع الزيادة أصبحت 220 دينارا.

الشركة وطنية بكل ما في الكلمة من معنى، فراسمالها يبلغ 11 مليون دينار ومساهميها كلهم أردنيون ولا يوجد من الخارج أي مساهمين. علما بان سهمها هو السهم الوحيد الذي لم يتأثر لا صعودا ولا نزولاً.

ولا توزع الشركة الأرباح كاملة سنويا اذ ان لديها مشاريع كبرى ومن اهمها المشروع الضخم على طريق الصحراوي وهو اكبر استراحة في منطقة الشرق الأوسط الذي يقع في منتصف الطريق بين عمان والعقبة.

يدعو حداد الى تنشيط السياحة مشيراً الى ان هناك فرصة لهيئة تنشيط السياحية بان تعتمد على السياحية الداخلية والسياحة العربية ، ولافتاًً الى أنه يجب فتح خطوط واسواق جديدة مثل الصين والهند، اما عن السياحة الداخلية في الأردن فهناك اكثر من 1000 موقع سياحي في الاردن يجب ان تستغل لتنشيط السياحة في الاردن.

ولا ينفك الرجل الذي يقود شركة جت، محققا النجاح تلو النجاح، ان يعيد دائما التاكيد على أهمية إلتقاط الفرصة , لجعل الأردن مقصدا رئيسيا للسياحة كبلد مستقر في منطقة غير مستقرة .



ويقول أن الواجب الوطني لدعم الإقتصاد يتطلب حشد جميع الجهود من أجل موسم سياحي مميز , لافتا الى أن نمو عائدات السياحة لن ينعكس على الخزينة فحسب بل على القطاعات كافة بمختلف مقوماتها وإمكانياتها ونوع الخدمات التي تقدمها , وقال « كل الأعمال بصرف النظر عن نوعها ترتبط بشكل أو بآخر بالسياحة .

ويحث على ضرورة استثمار عوامل الاستقرار بنقله عمليا من شعار الى فعل، مؤكداً أن السياحة هي الميدان الأوفر حظا لعكس هذه الميزة ، ومبيناً ان تميز الخدمة وعقلانية الاسعار صنوان لتعزيز السياحة وتطوير النقل العام في الاردن.



حداد وهو رئيس جمعية النقل السياحي ونائب نقيب اصحاب الباصات الاردنية، يحمل حلماً، بان يكون الاردن في مصاف الدول الراقية التي يقصدها السياح والباحثين عن الامن والامان.. وهو حلم حقق منه الكثير بعمله وجهده ومثابرته، ويأمل في الاتساع.

قبل ايام تبرعت شركة جت بحافلة لمركز تراثي في الفحيص، وقدم حداد وعداً بان تجول عمان قريبا حافلات مكشوفة.

..الفتى الذي لطالما راقب النسور والصقور تحلق فوق ذرى اشجار عجلون الباسقة.. ما تزال احلامه يانعة، وقابلة للتحقيق بجهده ومثابرته وعمله، دون ان تفارق الابتسامة محياه.. والبشر.
.
.