خطوة متهورة وغير موفقة!


الاستفتاء الذي أجرته سويسرا وكانت نتيجته التصويت ضد بناء مآذن جديدة هناك كان خطأ فادحا ارتكبته دولة تدعي عدم الانحياز وهو جاء بمثابة بداية حملة سياسية ضد الإسلام ما لبثت أن انتقلت إلى هولندا ثم إلى إسرائيل التي سارعت للسعي لاستصدار تشريع يمنع آذان الفجر في المدينة المقدسة والمنتظر إذا لم تبادر المحاكم الأوروبية لإحباط هذه الخطوة أن تتسع دائرة التطرف ضد الدين الإسلامي لتشمل دولا أخرى في أوروبا والحجة أنها تخشى تغلغل هذا الدين فيها والتأثير على قيمها الثقافية.

وهنا فإنه لابد من الإشادة ببابا الفاتيكان الذي بادر فورا وأبدى امتعاضه مما فعلته سويسرا وإنه لابد من الإشادة بمواقف مماثلة اتخذتها بعض الدول الأوروبية واتخذها الأمين العام للأمم المتحدة وهيئات حقوق الإنسان التي اعتبرت أن هذا الذي جرى يعتبر اعتداء آثما على حقوق مواطنين سويسريين من حقهم أن يجري التعامل معهم على قدم المساواة مع مواطنيهم وليس باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية.

ولعل ما يجب أن يقال هو أنه لا ضرورة لأي ردات فعل انفعالية ومتسرعة في الدول العربية والإسلامية إذ أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها سويسرا تحت ضغط الأحزاب اليمينية المتطرفة لا يمثل لا المسيحيين ولا المسيحية والدليل هو هذا الموقف الذي يستحق الإشادة الذي اتخذه بابا الفاتيكان وهو هذا الشجب المتواصل الذي بادرت إليه بعض الكنائس وبعض الأحزاب غير المصابة بمرض الإسلامو فوبيا الذي اعتبر أن العداء للمسلمين لا يمكن تبريره والذي يشكل ظاهرة نازية و فاشية جديدة في زمن العولمة وتداخل المصالح في العالم بأسره.

إنه غير صحيح وعلى الإطلاق أن المآذن في سويسرا أصبحت شعارا سياسيا وعنوانا للتطرف والإرهاب فالمعروف أن في هذا البلد الذي يقع في قلب أوروبا مائة وستة وأربعين مسجدا من بينها أربعة مساجد فقط بمآذن مرتفعة والصحيح أن هناك في القارة الأوروبية كلها نهوضا يمينيا مرعبا حقا إن هو بقي متصاعدا بهذه الوتيرة فإن ظاهرة هيتلر وموسيليني وسالازار سوف تتكرر مرة أخرى وهذا لن يقتصر خطره على المسلمين والإسلام فقط بل هو سيتعدى ذلك إلى الأوروبيين الذين لايزال بعضهم يعيش كوابيس ويلات ودمار الحرب العالمية الثانية.

لقد كان على سويسرا، الشعب والحكومة، قبل الذهاب إلى هذا الاستفتاء الذي جاءت نتائجه كدعوة ل مكارثية جديدة ضد الإسلام والمسلمين أن تدرك أن الودائع الإسلامية والعربية في بنوكها تتجاوز ال 400 مليار دولار وأن لها مصالح في العالمين العربي والإسلامي يجب ألا تعرضها للأخطار إستجابة لنزوات أحزابها اليمينية المتطرفة التي تقف وراء ما قامت به دوافع سياسية ستطال حتما، إن بقيت الأمور تسير في هذا الاتجاه، حتى القوى والتيارات السويسرية التي تعتبر ذات ملامح يسارية.

إن الإسلام كدين، وليس كتصرفات بعض التنظيمات الإرهابية باسم هذا الدين، لا يشكل أي خطر على أوروبا لا ثقافيا ولا قيميا ولا سياسيا وهو لم يشكل مثل هذا الخطر في السابق وعلى الأوروبيين أن يتذكروا أن وصول العثمانيين إلى أسوار فينا ذات يوم قد كان ردا على غزو الفرنجة ( الحروب الصليبية ) لهذه البلاد وردا على احتلالها من قبل الإمبراطورية الرومانية لقرون طويلة... ثم وأنه على الأوروبيين أن يضعوا في اعتبارهم ودائما وأبدا أنهم في العصر الحديث قد استعمروا كل العالم العربي والإسلامي وأنهم نكلوا بشعوب هذا العالم كلها ثم وأن هذه الدولة الإسرائيلية التي تقوم بما تقوم به الآن هي من صنعهم هي الخندق المتقدم الذي تركوه خلفهم في هذه المنطقة.




عدد المشاهدات : (1791)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :