تركيا الجديدة


 العلاقات الجيدة بين عمان وأنقرة ليست جديدة, انها من ركائز السياسة الاردنية - منذ خمسة أو ستة عقود- التي اثبتت صوابيتها في مد يد الصداقة الدائمة مع هذا الجار الكبير. الجديد اليوم هو ما يبدو انه استراتيجية تركية شاملة قررت ان تستدير نحو البلاد العربية والشرق الاوسط بشكل عام, بعد ان كان شغلها الشاغل كيفية الانتماء الكامل الى الغرب من خلال السعي للحصول على عضوية الاتحاد الاوروبي.

لا يكاد يمر شهر من دون حدث تركي له علاقة بقضايا العالم العربي والاسلامي, من زيارات كبار المسؤولين وجولاتهم ومواقفهم الجريئة المناصرة للقضية الفلسطينية الى مبادرات التعاون والانفتاح الرسمي والشعبي عبر الحدود نحو الجنوب وفي عمق المشرق العربي.

وهي مواقف وتحركات ومبادرات تركية تلاقي الارتياح في الشارع العربي, وتمثل زيارة الرئيس عبدالله جول الى الاردن ومحادثاته مع الملك عبدالله الثاني مثالا لما يمكن ان تثمره العلاقات العربية- التركية, فاذا كان الغاء التأشيرة امام تنقل مواطني البلدين يؤكد التطلعات المشتركة لتوثيق علاقات الشعبين, فان دور الشركات التركية في التنمية الاردنية مثل تنفيذ مشروع جر مياه الديسي سيفتح الابواب لاقامة علاقات عربية- تركية لا تقتصر على التبادل التجاري والاستثماري فقط, انما تتعداه الى تبادل الخبرات التكنولوجية والعلمية, اضافة الى تعزيز الدور السياسي لدول الاقليم امام هيمنة النفوذ الغربي الموالي للصهيونية واسرائيل.

سمعت من الوفد المرافق للرئيس جول, ان هناك جدلا واسعا في الاعلام التركي حول ايجابيات وسلبيات انفتاح أنقرة على العالم العربي, وحجة المعارضين لسياسات أردوغان وحزبه ان الانفتاح على العرب ومناصرة قضاياهم سيؤدي الى الحاق الضرر بالعلاقات التركية- الاوروبية ويعطل هدف أنقرة في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي.

الواقع ان هناك ايضا في الطرف العربي من ينضم الى هؤلاء المعارضين في عدم الرضا عن سياسات أردوغان التي جعلت من رئيس وزراء تركيا اكثر شعبية من بعض الزعماء العرب داخل حدود بلادهم. بل ان مواقف أردوغان الجريئة مع شمعون بيريز في دافوس, وكذلك من العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة اصبحت تثير السخط المبطن عند بعض العواصم التي تحرجها مواقف أردوغان بعد ان استمرأت العجز والاستسلام امام الاعتداءات الصهيونية والاجنبية.

لكن بعيدا عن المناوئين لنمو العلاقات التركية العربية لم يعد احد قادرا على وقف قطار هذه العلاقات الذي يندفع بقوة وتصميم نحو تعزيز الاواصر والمصالح المشتركة بين الأمتين, وعلى عكس ما يُقال, فان الانفتاح التركي على العالم العربي يمنح أنقرة اهمية اكبر في حسابات الاتحاد الاوروبي كما ان هذا الانفتاح يعزز من قوة العرب السياسية والاقتصادية بمواجهة اسرائيل والولايات المتحدة.




عدد المشاهدات : (1628)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :