طي صفحة


 بصرف النظر عما اذا كانت ظلال الازمة المالية العقارية في دبي ستمتد الى الاقتصاد الوطني ام انها ستبقى على رمالها فان قراءة المشهد هناك مفيدة لنا بحيث تؤهلنا كي نطوي اخر الاوهام التي علقت احلاما غير مبررة على قطاع العقارات وجعله قائدا لانعاش ودفع عجلة الاقتصاد.

البعض يتحدث عن حاجة ملحة ، لكنها غير اقتصادية، للاستمرار في ضخ الاموال في القطاع العقاري على المستويين الرسمي والخاص المرتبط بعقود مع الاطار الرسمي ،وهذه المقولة غير الاقتصادية تضعنا في مأزق يتمثل في الكيفية التي نقيس بمقتضاها الجدوى، هل بالمعايير الاقتصادية ام بغيرها من المعايير التي هي بالعادة غير مرئية؟ انا هنا اتحدث عن العقلية التي تخطط للاقتصاد وليس عن الميكانزمات الاقتصادية الصرفة، فالمبالغة و الاندلاق على كل ما يعرض علينا من افكار جديدة وغير مجربة يضعنا في مواجهة غير عادلة مع ارث اداري تم بناؤه على مدى ثلاثة ارباع القرن كما يضيع من بين ايدينا جهد مؤسسات رقابية ذات تراث كبير وبالتالي تتم استباحة قيم الرقابة والمساءلة والشفافية بحجة الهروب من وطأة البيروقراطية وللاسف انسحبت هذه العقلية على السياسة فاضحينا نضع خلف كل وزارة مكتبا خلفيا موازيا back office operations يسحب الدسم التنموي والسياسي من البناء الحكومي ليس لسرعة الانجاز الاقتصادي بقدر ما هو لاسباب تتصل بالتهرب من المساءلة والشفافية والافصاح.

ثمة دروس مستفادة في الازمة التي عصفت بـ درة الخليج دبي لعل اولها اعادة النظر في منطق تلك العقلية التي سادت في الاعوام القليلة الماضية في المنطقة والعالم ووجدت اثرها هنا في الاردن حيث انتعش نمط من النظرة الاقتصادية التي تريد بيع امتار الهواء قبل ان يبدأ البناء وشطارة التمويل بالدين باعتبار ان الدين الجديد يسدد الدين القديم وهكذا في حلقة مفرغة تشبه حلقة فادوف التي انهارت فجأة بلا انذار.

تلك العقلية كانت تزهو وهي تتحدث عن تلك الامتار الهوائية التي تباع قبل ان يشاد البناء ، كما تتحدث عن اهداء افكار عبقرية عن بناء جامعة ومول وبرج سكني ومسجد مدرسة، وكل هذا على جسر بين جبلين في عمان لا يتجاوز عرضه 20 مترا.

ليس لدينا ترف ان نقلد مغامرات الاخرين والاردن كان ناجحا على المستوى الاقليمي عندما كان يستثمر بالانسان المدرب والكفؤ والمؤهل المدعوم بنظام سياسي عقلاني ينسج علاقاته الاقليمية والدولية على قاعدة المنافع الاقتصادية المتبادلة عر بيا ودوليا و يوظف دوره السياسي الحيوي اقليميا بما يحقق منافع مباشرة على الداخل.

موجة الليبرالية المتوحشة انتهت عمليا في الرابع من تشرين الثاني من العام الماضي حين طوى الجمهوريون راياتهم واضحت حقبتهم مادة مسلية لصحف الاثارة سواء في قضايا الفساد السياسي او الاقتصادي في حين يبدو انها في العالم الثالث تحتاج الى نموذج لتكريس القناعة بطي الصفحة وها هي دبي تتكفل بالامر




عدد المشاهدات : (2471)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :