نوبل .. اوباما, عرفات, رابين


 عندما أُعلن, لاول مرة, عن منح الرئيس الامريكي باراك اوباما جائزة نوبل للسلام. قرأت تعليقاً في احدى الصحف يتساءل كاتبه: لماذا يُعطى اوباما الجائزة وهو لا يزال في بداية عهده ولم يصنع شيئاً بعد للسلام سواء في فلسطين والعراق او في افغانستان؟.

ويضيف التعليق »لقد مُنح كل من ياسر عرفات واسحق رابين الجائزة مناصفة بعد اشهر من اعلان اتفاقية اوسلو, في بداية العملية السلمية, والنتيجة, ان السلام لم يتحقق, اما صاحبا الجائزة فقُتل احدهما وهو رابين بالرصاص على يد متطرف اسرائيلي. وقتل ياسر عرفات بالسم بعد حصاره وتدمير مقره من قبل قوات شارون. والفاعل من جهة واحدة دائماً.

مثل هذه المقاربة بين منح الجائزة لـ اوباما وبين منحها لعرفات ورابين تُنشّط الذهن في بحث الحدث والحيرة التي يثيرها والتنبؤات السيئة التي يزرعها. ومن تابع كلمة اوباما اثناء تسلمه نوبل يلمس حيرته ازاء منحه هذه الجائزة عندما قال »ان انجازاته قليلة مقارنة مع آخرين حصلوا عليها« مضيفاً »اعترف بالجدل الكبير الدائر حول فوزي بالجائزة«.

على أي حال, يستحق باراك اوباما جائزة نوبل للسلام, فمواقف هذا الرجل وافكاره وارائه تجعله ينتمي الى كبار الزعماء والمفكرين في التاريخ الامريكي, من امثال لنكولن وجفرسون وجاكسون وماديسون ونلسون, الذين تركوا تراثاً ثميناً من المواقف والافكار, السياسية والانسانية خاصة المتعلقة بحقوق البشر السياسية. وهو تراث تمرّغ بالوحل على ايدي جورج دبليو بوش وزمرة المحافظين الجدد.

ووسط جميع التحليلات التي تركز على فشل اوباما في وقف الاستيطان وصُنع السلام في الشرق الاوسط, وقراراته الاخيرة بزيادة عدد جنوده في افغانستان. إلا انه يدرك, كما قال هو نفسه, انه ليس من طينة مانديلا والأم تيريزا, فالرجل يجلس على رأس اقوى دولة في العالم لكنه ليس جنكيز خان عصره ولا يشبه بأي حال رموز الديكتاتورية في العصر الحديث. انه رئيس الولايات المتحدة التي تحكمها حرية الفرد ومصالح الجمعيات التمثيلية والاحزاب الديمقراطية, فلا حصانة له فوق قوانين بلاده. »فقط اولئك الذين يُطوقون انفسهم بحصانة لا يطالها القانون هم من يستطيعون ان يقمعوا شعباً كبيراً« كما كتب المفكر الفرنسي دي توكفيل قبل قرنين عن الديمقراطية في امريكا.

قد يتراجع اوباما الرئيس امام الضغوط الداخلية التي تولدها آليات الديمقراطية, لكنه حتى اليوم, لا يزال في موقع الاصرار على احداث التغيير في امريكا والعالم.

نأمل ان لا تصدق التنبؤات التي تفسر منحه جائزة نوبل بانها من أجل اثباط عزيمته لصنع سلام في فلسطين, بتصوير نيله الجائزة نهاية المطاف, ويستجيب لتحذيرات خصومه بأن عليه ان لا يجهد نفسه بسياسات تثير المتاعب امامه في واشنطن. وإلاّ فإن عليه ان يفكر بمصير رابين وعرفات!! إننا معنيون, كعرب وفلسطينيين,بعدم التشاؤم, خاصة وان تحولات الساحة الاوروبية, من تقرير جولدستون الى القرار الاخير لدول الاتحاد الاوروبي حول القدس المحتلة, تشير الى ان اسرائيل وانصارها يواجهون بداية حصار سياسي ومعنوي واخلاقي على مستوى العالم كله




عدد المشاهدات : (1881)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :