ما معنى "فلمّا قضى زيد منها وطر‌ا زوّجناكها" في القرآن؟


رم -
رم---واحة ايمان

هناك ألفاظ كثيرة موجودة بالقرآن الكريم نقرأها ولا نفهم معناها ولا المقصود منها،و نريد أن نعي ما نقرأ من القرآن ونتدبّر ونفهم معانيه؛ قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَ‌كٌ لِّيَدَّبَّرُ‌وا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ‌ أُولُو الْأَلْبَابِ}،فتعالوا معنا مع هذه الآية القرآنية الكريمة:

يقول الله تعالى:
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّـهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّـهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّـهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرً‌ا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَ‌جٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرً‌ا وَكَانَ أَمْرُ‌ اللَّـهِ مَفْعُولًا} [الأحزاب: 37]

أراد الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة أن يُشرّع شرعا عامّا للمؤمنين، وهو أن الأدعياء -وهم أبناء التبنّي- ليسوا في حُكم الأبناء حقيقةً، وأن أزواجهم لا جناح على مَن تبنّاهم في نكاحهن، وكان هذا مِن الأمور المعتادة التي لا تكاد تزول إلا بحادث كبير؛ فأراد أن يكون هذا الشرع قولا مِن رسوله وفعلا أيضا، وهذا قضاء مِن الله وتدبير منه سبحانه لإبطال عاداتٍ جاهلية، ولرحمة الناس والتخفيف عنهم، وأن الحكمة الإلهية في ذلك التزويج هي قطع تحريم أزواج الأدعياء.

قال الله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ} أي تقول يا محمد للذي أنعم الله عليه بالإسلام وهو زيد بن حارثة، {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ}أي أنعمت يا محمد على زيد بالعتق؛ حيث إن زيدا كان مِن سَبْي الجاهلية، اشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وأعتقه وتبنّاه أي بالعتق.

وهنا تحكي الآية أن زيدا جاء لرسول الله شاكيا زوجته ومشاورا في فراقها؛ فقال له رسول الله ناصحا له ومخبرا بمصلحته على جهة الأدب والوصية: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} أي: لا تُفارقها، واصبر على ما جاءك منها، و{وَاتَّقِ اللَّهَ} في أمورك عموما، وفي أمر زوجك خصوصا، فإن التقوى تحثّ على الصبر وتأمر به.

{وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ}؛ أي تُخفي يا محمد أن الله سبحانه وتعالى كان قد أوحى إليك أن زيدا سوف يُطلق زينب، وأنك سوف تتزوّجها بتزويج الله إيّاها، وهذا هو الذي أخفاه في نفسه صلى الله عليه وسلم، ولم يُرد أن يأمر زيدا بأن يطلّقها؛ لمّا عَلِم أنه سيتزوّجها.

{وَتَخْشَى النَّاسَ}؛ أي خشي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلحقه قول مِن الناس عندما يتزوّج زينب بعد أن يُطلقها زيد، وهو مولاه، و{وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} فإن خشيته جالبة لكل خير، مانعةً من كل شر.

{فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً}؛ "الوطر" جمع أَوْطار وهي الحاجة والبُغية، والمعنى: أن زيدا طابت نفسه ورغب عن زوجته وفارقها؛ فـ{زَوَّجْنَاكَهَا}، وهنا نفهم معنى الآية؛ حيث إن المراد منها أن الله سبحانه وتعالى فعل ذلك لفائدة عظيمة، وهي: {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرً‌ا}؛ حيث شرّع الله شرعا عامّا للمؤمنين، وهو أن الأدعياء -وهم أبناء التبنّي- ليسوا في حُكم الأبناء حقيقةً، وأن أزواجهم لا جناح على مَن تبنّاهم في نكاحهن؛ وأن الحكمة الإلهية في ذلك التزويج هي قطع تحريم أزواج الأدعياء -أي المتبنّين- بعد إبطال التبنّي نفسه.

{وَكَانَ أَمْرُ‌ اللهِ مَفْعُولًا}؛ أي وكان هذا الأمر الذي وقع قد قدّره الله تعالى وهو كائن لا محالة.

وكانت زينب -رضي الله عنها- تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: "زوّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ".




عدد المشاهدات : (3573)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :